top of page
  • KYNUNAH

لي ميلر في حوض استحمام هتلر

ترمز لانتصار الحلفاء بتلطيخها فوطة هتلر بطين معتقلات داخاو

لي ميلر الفنانة التي فقدت الإحساس بالحياة في عالم الأزياء لكنها وجدته في عيون الأطفال الميتين!.


خـــــــــــاص - كـينونــــــــــة



أي مسافة تلك التي قد تعيشها طفلة تُخدش براءتها بقسوة.. ثم بهذه الذاكرة المثقلة تنتقل كشابة إلى عوالم الأزياء والأناقة، بكل مافيها من الغرور والزخرفة والواجهات المزيفة، ثم وفي انعطافة صدق كبرى تنتقل طوعاً إلى عوالم من أهوال الحرب التي لايمكن دملها، مروراً بالسريالية وأبطالها، بمجانينها وفنانيها وعوالمها العجيبة.. ترى أي شجاعة وأي حرية تلك التي تتطلبها روح كهذه لتحيا هكذا حياة!.

هذه الروح الشفافة المرحبة بالحياة المنسجمة معها.. الناجية بصدقها.. هي روح لي ميلر،. التي فقدت جمال الحياة في لمعة الأناقة لكنها وجدتها في عيون الأطفال الميتين!.

لم تكن طفولتها محظوظة. فقد ولدت لأب يحب الأولاد وتعرضت وهي في السابعة فقط للاغتصاب من صديق العائلة الطيب!. لتعاني لعامين مع العلاج جراء ذلك. امتلكت قواماً رائعا تسيل له الفلاشات يبرر أن تكون وهي في التاسعة عشر من عمرها وعلى مدى عامين أكثر عارضات الأزياء نجاحاً في نيويورك. معتمدة من قبل كبار مصوري الأزياء آنذاك. رغم ذلك لم تألف روحها ذلك النوع من الحياة ، فسافرت في منعطف كبير في حياتها إلى باريس لتلاحق شغف روحها عام 1929، ذهبت لتتدرب على الفن السريالي على يد الفنان والمصور مان راي وكان آنذاك من أكثر المؤثرين في الحركة الدادائية والسريالية. مان راي على الرغم من أنه، في البداية، أصر على أنه لا يقبل بتدريب الطلاب. إلا أنه سرعان ما وقع في سحر جاذبيتها متخذاً إياها نموذجاً للتصوير. امتد هذا ليتعاون معها في الكثير من أهم أعماله. حتى وصل الأمر بقلبه لاتخاذها حبيبة وملهمة. أبدعت ميلر صورها الخاصة وكانت مشاركة نشطة في الحركة السريالية في باريس. عرفت في أوساط الفن الباريسية بصورها البارعة وروح دعابتها الجميلة. وشملت دائرة صداقاتها بابلو بيكاسو، برتولد بريخت ، و جان كوكتو. رغم ماتركته هذه المرحلة من جمال على حياتها إلا أن حقيقة هجرها لمان راي ترك في روحها صدعاً كبيرًا، تركت على أثره باريس بكل ماتمثله لها.

عادت إلى نيويورك عام 1932 لتنشئ استوديو التصوير الخاص بها مع شقيقها إريك كمساعد لها. في عام 1934، تخلت عن الاستوديو الخاص بها لتتزوج من رجل الأعمال المصري العزيز علي بك، الذي جاء إلى نيويورك لشراء المعدات اللازمة لسكك حديد مصر. على الرغم من أنها لم تنجح كمصورة محترفة خلال هذه الفترة من زواجها وحياتها في مصر، إلا أنها التقطت عملها "بورترية الفضاء" والذي يعتبر من أكثر أعمالها السريالية اللافتة قبل عام 1937. ربما يكون هذا هو أحد أكثر الأسباب التي جعلت من الملل من حياتها في القاهرة يتفاقم فتعود مرة أخرى إلى باريس محملة بالحنين ربما وبالشغف الحقيقي بالفن الذي جعل من لقائها بالرسام السريالي الإنجليزي رولاند بنروز، خالداً في حياتها وعميقاً، يختصر كل معاني السلام في قصة ارتباطهما بعد ذاك..أو لنقل تجربتهما في خلق المعنى المثالي للبيت والوطن.

عند اندلاع الحرب العالمية الثانية، كان الحبيبان في هامبستيد في لندن. هناك تزعزع عالمهما على أثر بدء القصف على المدينة.. بدأت مناشدات الأهل والأصدقاء لها للعودة إلى الولايات المتحدة. تجاهلت ميلر ذلك ربما بدافع من الإخلاص وربما لسبب أعمق يتعلق بنداء روحها، حيث شرعت بمهنة جديدة في التصوير الصحفي، فذهبت تلاحق الغارات بكاميرتها حتى أصبحت مصور الحرب الرسمي لمجلة فوغ، إلى أن تم اعتمادها بعد ذاك في الجيش الأمريكي باعتبارها مراسلة حربية في ديسمبر من عام 1942. هناك وبعد يوم من النصر انطلقت إلى فرنسا توثق أول استخدام لقنابل النابالم في حصار كنيسة القديس مالو، ورعب النازية في معسكرات الاعتقال في بوخنفالد وداخاو. أما أبرز صورها وأكثرها شهرة فكان صورتها الملتقطة بالشراكة مع المصور الأمريكي ديفيد اي شيرمان، والتي تظهرها تستحم في حوض الاستحمام من شقة أدولف هتلر في ميونيخ. التقطت هذه الصورة في اليوم نفسه الذي انتحر فيه هتلر رغم أن ميلر لم تعلم بهذا قبل مساء ذلك اليوم. ولكن من الواضح الدلالات التي أرادتها أن تظهر في الصورة، كالطين في حذائها من معتقلات داخاو والذي لطخت به فوطة هتلر.

بعد الحرب استمرت ميلر في توثيق الحياة التي خلفتها. وكان أبرز ما بقي من فترتها الوثائقية تلك تصويرها الأطفال يموتون في مستشفيات فيينا، وحياة الفلاحين في المجر. عادت ميلر من الحرب بنوبات شديدة من الاكتئاب أو ما أصبح لاحقاً يعرف بـ متلازمة مابعد الصدمة. لكنها في عام 1947 رزقت وحبيبها رولاند بنروز، بابنهما، أنتوني بنروز. وبعد ذلك بعامين اشتريا مزرعة أصبحت في ما بعد مستقراً آمنا لتتشافى من الاكتئاب ولتصبح المزرعة متنفساً ومجتمعاً فنياً لكبار الفنانين والأدباء آنذاك بيكاسو، مان راي، هنري مور ، ايلين آجار، جان دوفيت، دوروثيا تاننج، ماكس ارنست.

في عمر الـ 70 ماتت ميلر من السرطان في مزرعتها عام 1977، أُحرقت، ونشر رمادها بحسب وصيتها ..في حديقة العشب.



bottom of page